“راسبوتين” الراهب الماجن ابن الشيطان الذى عاقب من قتلوه بعد وفاته

 

«عندما تقرع الأجراس ثلاث مرات، ستعلن مقتلى، فإن كان قاتلى من الشعب ستحكم روسيا أنت وأولادك لأجيال قادمة، أما إن كان من حاشيتك، فستقتل أنت وأبناؤك على أيدى الشعب الروسى، صلِّ أيها القيصر صلِّ».. كانت تلك أشهر النبوءات التى تحققت فى التاريخ الحديث بحذافيرها، وكان صاحبها واحدًا من أكثر الشخصيات إثارة للرعب والغموض إنه.. الراهب الماجن “راسبوتين” .

ولد الراهب الروسى، جريجورى راسبوتين، فى قرية بوكروفسكوى الريفية الواقعة فى مقاطعة سيبيريا فى 22 يناير 1869 وقد ظهرت لديه فى طفولته رؤى مستمرة عن القوى الإلهية وقدرات الشفاء الخارقة، لكنه اكتسب فى فترة مراهقتة اسم راسبوتين «أى الفاجر بالروسية»، بسبب علاقاته الجنسية الفاضحة وحين بلغ الثلاثين من عمره كان زوجا وأبا لأربعة أطفال، إلا أن ولعه بالشراب وسرقة الجياد كان دائما ما يتناقض وأصول الحياة العائلية المحترمة والمستقرة .%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a8%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%861

“راسبوتين”  الذى نجح فى إثارة ذهول وخوف كل الذين عاصروه، بسبب القدرات الروحانية الغريبة والخارقة التى نسبت إليه، بعد قيامه بعشرات الأعمال المذهلة التى تفجر كل علامات الاستفهام، فما فعله مع الأمير الصغير «أليكس» وريث عرش روسيا كان أمراً خارقاً، فالأمير كان مصابًا بمرض وراثى نادر جدا، يكفى أى جرح صغير يصاب به المريض ليظل ينزف حتى الموت، وقد كان الجميع يتعاملون مع أليكس بحرص شديد كى لا يصاب بأى جرح، ولنا أن نتخيل مدى صعوبة هذا الأمر خاصة مع طفل صغير.

وفى عام 1922 أصيب أليكس ببعض الكدمات والجروح الصغيرة إثر سقوطه فى الحمام، فأصبح ينزف من جروحه الصغيرة باستمرار وببطء شديد لعدة أيام، حتى أن جميع الأطباء عجزوا عن عمل أى شيء لإنقاذ الأمير الصغير الذى ساءت حالته كثيرا وكان على وشك الموت، وقد أعدت الأسرة الحاكمة بيانا رسميا تعلن فيه للشعب عن وفاة الأمير الصغير، وكمحاولة أخيرة يائسة، بعثت زوجة القيصر ببرقية إلى راسبوتين تطلب منه النجدة لإنقاذ الصبى، فرد عليها ببرقية يقول فيها «لا تحزنى، الصغير لن يموت»، وبالفعل جاء راسبوتين وتحدث للطفل ووعد أبواه بأنه سيتحسن!! وتحسن الطفل.

%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a8%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%863

أخذ الأمير الصغير بالتحسن بعد فترة قصيرة حتى توقف النزيف تماما لينجو الصغير من الموت وسط ذهول الجميع، ولا يعلم أحد حتى اليوم ما هي الوسيلة التى عالج بها “راسبوتين” الأمير الصغير، وبالطبع ارتفعت أسهم “الراهب الريفي” إلى السماء، بعد أن اعتبره القيصر وزوجته الملاك الحارس الذي بعثه الله لإنقاذ ابنهما من الموت، وحصل “راسبوتين” بسبب ذلك على صلاحيات واسعة جدا منحه إياها القيصر، وأصبح أقرب المقربين للعائلة المالكة، لدرجة أن خزينة روسيا فى ذلك الوقت كانت بأكملها تحت تصرفه ينهل من أموالها ما يشاء دون أن يجرؤ أحد على منعه.

أما أغرب قصص “راسبوتين” التى لا تنتهى فكانت قصة موته، ففى عام 1916 قرر مجموعة من النبلاء من أقارب القيصر التخلص من “راسبوتين” لإنقاذ روسيا، بعد أن شاهدوه يتلاعب بأموال الدولة، ويتحكم فى بعض القرارات السياسية الهامة، ويفرض آراءه على قيصر روسيا الذى كان ينصاع له بطريقة عجيبة وكأنه مسلوب الإرادة، فحاولوا فى البداية إقناع القيصر بعزل “راسبوتين” وحرمانه من كل الصلاحيات التى يملكها، ولكن القيصر كان يتجاهل كل التحذيرات، فاتفق النبلاء على قتل “راسبوتين” بعد أن وجدوا أن هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ روسيا، فقرروا دعوته للحضور إلى قصر أحد النبلاء وبالفعل استجاب “راسبوتين” إلى الدعوة وحضر إلى القصر.

%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a8%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%862

وعند وصوله، رحب به أحد النبلاء وطلب منه مرافقته لرؤية القبو الذى يحتفظ فيه بأفضل أنواع الخمور، وهناك قدم لـ “راسبوتين” أجود أنواع النبيذ بعد أن وضع به كمية من سم “السيانيد” تكفى لقتل ٦ رجال، ولكن السم لم يؤثر بـ “راسبوتين” إطلاقًا، بل تصرف بعدها بطريقة طبيعية سوى بعض الصداع البسيط الذى سرعان ما زال، فلم يجد النبلاء حلاً غير مباشر، فاستخدم أحدهم مسدسه وأطلق النار على “راسبوتين” ليسقط متكورا على الأرض، فاقترب منه لتفقد الجثة، وللتأكد من الوفاة وهو يشعر بتوتر شديد فى أعماقه مع تساؤلات لا حصر لها نتيجة عدم تأثر “راسبوتين” بالسم، ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد تضاعف توتر الرجل وشعر برعب هائل بعد أن شاهد “راسبوتين” يستعيد وعيه بشكل مفاجئ ليمسك برقبته محاولًا خنقه، ولكن استطاع أن يخلص نفسه ويلجأ لرفاقه – الذين كانوا مختبئين فى القصر فى انتظار نبأ نجاح الخطة – وهو يصرخ مفرغًا كل انفعالاته طالبًا منهم النجدة، وعندما ذهبوا جميعًا لرؤية “راسبوتين” فى القبو لم يجدوه، بل وجدوه فى فناء القصر يزحف من شدة الألم محاولًا الهرب، فقبضوا عليه وانهالوا عليه ضربا وركلا بعد أن يأسوا من قتله بهدوء دون مشاكل، ثم قيدوه بالسلاسل ورموه فى النهر حتى يموت غرقاً.

وعندما تم العثور على جثته فيما بعد، أصيب الجميع بدهشة عارمة عندما تبين أنه قد قاوم حتى آخر لحظة فى حياته على الرغم من إصاباته القاتلة، فقد نجح فى فك قيوده الحديدية ولم يمت إلا غرقا بعد أن عجز عن الخروج من النهر لكثرة جراحه، أى أنه لم يمت بالسم، أو بالرصاص، ولا بالضرب الذى تعرض له، والذى كان كافيا لقتل أى إنسان مهما بلغت قوته، وقد جاء موته قبل أسابيع قليلة من الثورة البلشفية، والتى تم فيها إعدام قيصر روسيا وأفراد عائلته لتقوم بعدها الشيوعية، ففى ديسمبر عام 1916 كتب “راسبوتين” خطابا للقيصر يتنبأ فيه بقتله، وعن قتلته المحتملين كتب يقول «إذا قتلنى أقاربك فلن يبقى أى فرد من عائلتك حيا لأكثر من عامين، وتستطيع أن تقول أن أولادك أو أقاربك سيقتلهم الشعب الروسى. سأُقتل، لم يعد لى وجود فى هذه الحياة. صل أرجوك، صل، وكن قويا، وفكر فى عائلتك المصونة»، وهذا ما حدث بالفعل.

وأشارت المراجع إلى العديد من النقاط التى أثارت حيرة المؤرخين فى سيرة “راسبوتين”، فذكر عدد كبير جدا من الناس الذين عاصروه أن لون عينيه كان يتغير أحيانا عندما يتحدث إليهم كما تحدث الكثيرون عن انغماسه التام فى شرب الخمر وشهوته الجنسية غير الطبيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *