توفيق الدقن

«الشرير الضاحك».. تسبب شره في موت أمه وهاجمه الشيخ كشك بسبب هذه العبارة

اشتهر بأدوار الشر في السينما المصرية، حيث تبلورت معظم أدواره حول الشخصية الشريرة نظرًا لما تقوم به من مكائد في إطار الحبكة الدرامية ضد بطل العمل والذي غالبًا ما يكون الطيب والشريف، إلى كونها شخصية ينتظرها الجمهور لكي ينفجر وجهه من الضحك، فأنه لأمر أشبه بالمعجزة.

إنه الفنان الراحل توفيق الدقن، الذي يعتبره البعض من معجزات السينما المصرية بالفعل.

 

«الإفيهجى»

أطلق النقاد والكتاب على الفنان توفيق الدقن لقب «الإفيهجى» حيث كان هدفه الوحيد أن يصبح «محمود مليجى» السينما المصرية -كما جاء بمذكرات الدقن-، ربما لأن كان هذا شرط أمه الوحيد للموافقة على عمله بالسينما، ودعمها له أمام رفض أبيه، غير أن الدقن خلق لنفسه مساحة من تمثيل أدوار الشر تختلف عن جمع العمالقة الموجودين بذلك الوقت.

لم ينتهج طريق المليجي العبقري، والذي يختلف كثيرًا عن الأول في التزامه بشخصية الشرير الجاد، ربما حتى ظهر الدقن لم يكن يعرف أحد كيف تصبح شريرًا ضاحك، الأمر الذي بالوقت تحول إلى مدرسة خاصة بهذا اللون يعد الفنان الراحل أحد رواده.

 

العبقري الفني

العبقري الذي أفنى عمره في الفن، ولم يأخذ منه كما أعطى، اليوم يحيى «الدستور» ذكرى ميلاده والذي يوافق التاسع من مايو 1924، توفيق الدقن، حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1950، وبدأ حياته الفنية منذ أن كان طالبًا في المعهد من خلال أدوار صغيرة إلى أن اشترك في فيلم «ظهور الإسلام» عام 1951، ثم التحق بعد تخرجه بالمسرح الحر لمدة سبع سنوات، ثم التحق بالمسرح القومي، وظل عضوا به حتى إحالته إلى التقاعد.

 

الارتجال

يُعد الدقن من القليلين الذين كان مسموح لهم بالارتجال، ووضع جمل بعيدة عن نص السيناريو الأصلي، وذلك بعد ان استطاع تحقيق مصداقية كبيرة لدى الجمهور من خلال جمله البسيطة المواكبة للشارع المصري.

ويقول الدقن في مذكراته: «إن لزمة أحلى من الشرف مفيش، الخاصة بشخصية عبده دنس، التي أديتها في الفيلم حقيقية بكل أبعادها، وكنت ألتقي بهذا الشخص على مقهى في عماد الدين، وكان فتوة على قواد على كل حاجة، وكان دائمًا فاتح صدره ورابط صباعه.. ويقول: ده الترباس كدة يقفل وكده يفتح، وتيجي تكلمه يقولك أحلى من الشرف مفيش يا آه يا آه».

 

 هجوم الشيخ كشك

ولكن تلك «الإفيهات» لم يكن مرحب بها من قبل الجميع في تلك الآونة، إذ واجه الدقن الكثير من الانتقادات والاتهامات بإفساد الذوق العام، ومحاولة إفساد أخلاق الشباب من خلال اختيار مصطلحات لا تليق بالمجتمع المصري، وكان من أشهر تلك الانتقادات مهاجمة الشيخ الراحل عبد الحميد كشك له في منتصف السبعينيات للفنان توفيق الدقن قائلًا: «اللغة السيئة التي تجتاح الشارع اليوم واللي تودي في داهية.. اللغة بتاعت توفيق الدقن.. اللي بوظت أخلاق عيالنا».

 

الواقعية في الأدوار

الواقعية في أداء أدواره ومحاولة استنباض أدواره من شخصيات واقعية بالمجتمع، جعلت منه محترف لا يمكن أن تصدق أن ما يقوم به تمثيل، ولكن تلك الاحترافية انعكست على الدقن بالسلب سواء لكره البعض له، معتقدين أنه مجرم حقيقي، فيقول بمذكراته: «مرة كنت رايح اشترى لحمة من جزار جنب البيت، وكنت ساكن جديد، فأول لما شافنى رفع في وشي السطور، وقالى أمشي من هنا، مببعش لحرامية»، وسواء بسبب وفاة والدته بسبب اعتقدها أن ابنها «عربيد وسكري»، فيقول الدقن: «أمى كانت قاعدة جنبي بالعربية، ولقيت واحد بيقولى يا قاتل يا مجرم، شوية واحد تاني قالي يلا يا حرامى، وكلهم يقولوا كدة ويجروا بالعربية ملحقش افهمهم، فأمى أعتقدت ان ابنها الوحيد بهذه الصفات، فأصيبت بذبحة قلبية وماتت».

 

ورحل امبراطور الإفيهات في 28 من نوفمبر عام 1988، ولكن رحل حزين ومجروح من السينما التي لم تقدره وتعطيه ما يستحق، فالفنان الذى تحمل أعباء العمل في اكثر من مهنة لكى يغطى مصاريف أبنائه لأن «الفن مبيأكلش عيش» كما قال في مذكراته.

 

وداد الغازية

واختتم أعماله بفيلم أهانه وجرح كبريائه كثيرًا، إذ شارك في بطولة فيلم «وداد الغازية»، وكان معه الفنان محمود ياسين، وكان الاتفاق على أن يوضع اسمه بجانبه على أن يكون الأفيش بمشاركة توفيق الدقن”، ولكن الأخير تفاجئ بعدم وضع اسمه بهذا الشكل، وكتابته بشكل مهين على التتر، ويقول نجله المحامي ماضي توفيق الدقن: «والدى تأثر كثيرًا بعد تلك الواقعة، وقلت له أرفع قضية عليهم، ولكنه رفض، وقال: الجمهور هيدخل الفيلم.. ويعرف أنا فين؟.. ثم قال: المهم أن تكون في قلوب المشاهد وليس على أفيش الفيلم».

ورحل الدقن وترك تاريخ كبير من الأفلام و«الإفيهات الساخرة» التي مازال تداولها بين المصريين في الحياة العادية، وعلى صفحات التواصل الاجتماعى، وحتى في الأعمال الفنية الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *