طفل يدهس أسرة كاملة تحت عجلات سيارة والده بـ “بسيون”

الأشجار جانب منزلهم البسيط تهتز يمينًا ويسارًا مع أصوات الرياح الصاخبة، وكأنها تنوح على رحيلهم، الترعة أسوّد لونها، والورود أغمضت وهي باكية علي فراقهم، شيء من تراب الطريق تناثر حولنا في ألم وحزن وأسي،.. هكذا كان الحال في طريقنا إلى قريتهم الصغيرة “شبراتنا” بمركز بسيون في محافظة الغربية، والتي كسى السواد شتى أرجائها بسبب الأسرة المسكينة.

الموت خطف أعمار أسرة كاملة، وسلبها فرحة العيد، عدا طفلاً صغيرًا يبلغ من العمر ثماني سنوات، فلم يتبق منه سوى أنفاس ودقات قلب داخل غرفة العناية المركزة، فربما يلحق بهم أو يعيش وحيدًا.

“كأني في حلم وكل يوم أنا وولادي نروح المقابر حاسس إن أخويا عرفة وولاده هيخرجوا”.. بهذه الكلمات بدأ “حربي الشرقاوي” شقيق رب الأسرة الذي توفى ومعه زوجته وإبنتيه الإناث، ضحية دهسهم تحت عجلات سيارة نقل كان يقودها طفل عمره 15 عامًا على طريق بسيون، حديثه لـ”التحرير “، موضحًا أن الموت خطف أعمارهم عدا الإبن الأكبر، أثناء خروجهم لفسحة العيد مع أولاده، في ظل الوقت الذي كانت الأسرة تحتفل بـ “حنة” شقيقته، وكان مقرر عقد زفافها ثاني أيام العيد، وهو اليوم التالي لوفاتهم، إلا أن القدر حوّل الفرح إلى عزاء لم يكن متوقع.

وأضاف، “طفلاً صغيرًا غير مؤهل كان يقود سيارة على الطريق بطريقة عشوائية، وصدم الدراجة النارية التي كان يستقلها شقيقه ما أودى بحياته وزوجته وبنتيه، واضطرهم إلى تأجيل فرح شقيقتهم الذي لم يتم إلى الآن”.

ويقول الشيخ ثروت غيط حجازي، مسؤول بأوقاف بسيون وعم الزوجة، إن مأساة عاشتها الأسرة، للإهمال الذي طال المتوفين قبل وفاتهم، بل طال جثثهم أيضًا، فرفض المسؤولين إخراج سيارة إسعاف لنقل الزوجة لمستشفى طنطا، وهي في النزع الأخير وتعاني نزيفًا حادًا، بالإضافة لعدم توافر أي إمكانيات داخل المستشفي.

ويتابع، “جبنا واسطة لوكيل وزارة الصحة علشان يكلم المستشفى تطلع عربية إسعاف، ونتيجة لتأخرهم ماتت مننا في مستشفى التأمين الصحي بطنطا ودوخونا علشان ننهي إجراءات الدفن”.

وأكد صالح الشرقاوي، شقيق المتوفي في الحادث، أن الإهمال وعدم الضمير طل برأسه على الطفل رغم حالته الحرجة بالعناية المركزة، بالمستشفي الجامعي، فرفض مسؤول صيدلية مستشفى الشروق التخصصي بمدينة طنطا، بيع حقنة “نالوفين” المخدرة، والتي كان يحتاجها الطفل بشكل ملح، واشترط ضرورة دخول الطفل للمستشفي الخاص طمعًا في التحصل علي مبالغ مالية تقدر بنحو 15 ألف جنيه بشكل مبدأي لمجرد الحصول عليها.

واستكمل حديثه، “لفينا يوم كامل لحد آذان الفجر على كل الصيدليات علشان نجيب الحقنة لابن أخويا وهو بيموت، ملقنهاش غير في مستشفى الشروق، ومسؤول الصيدلية مكنش عنده ضمير ورفض يدهالنا، وكنا بنتحايل عليه”.

واختتم، الواقعة أصابت مدينة بسيون وقراها بالحزن الشديد، عقب تشيع جثامين ضحايا الحادث وهم “عرفة الشرقاوي، رب الأسرة، وزوجته أسماء غيط 31 عامًا، وابنتيهما منه 6 سنوات، سلمي 4 سنوات، بخلاف الطفل الذي توفي في بطن أمه قبل ميلاده وهي في شهرها التاسع”. وسيطرت حالة من الغضب على وجوه المئات من الأهالي عقب علمهم بقيام والد الطفل المتهم، بالزج بشخص آخر، للحضور أمام النيابة لادعاء قيامه بارتكاب الواقعة، لخروج نجله من القضية، لأنه غير مصرح له بترخيص القيادة.

وكشفت تحريات مباحث مركز بسيون، التي أجراها الرائد محمد عيسوي، رئيس المباحث، ومعاونه النقيب عبد الوهاب الخولي، في المحضر رقم 16192 جنح بسيون لسنة 2017م، أن “جمال. س ” والد المتهم، صاحب معرض سيارات بمدينة بسيون، دفع بنجل شقيقه الذي يعمل لديه بمعرض السيارات ويدعي “الخطيب. م . س” للحضور مكان المتهم أمام النيابة، مقابل إغراءات مالية.

وعلي الفور قررت النيابة العامة بمركز بسيون حبسه 4 أيام والتجديد له 15 يومًا آخرين بتهمة الشهادة الزور، فيما تكثف المباحث جهودها لضبط المتهم الأساس، والذي لا يزال هاربًا حتي الآن.

المصدر ” التحرير”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *